يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام
مسلم في صحيحة: (( إذا رأيتم المداحين فاحثوا
في وجوههم التراب ))، و ثبت عن ابن ماجة في السنن
بإسناد حسن من حديث معاوية رضي الله عنه أنه صلى الله عليه
وآله وسلم قال : " إياكم والتمادح ؛
فإنه الذبح "
و المدح له مساوئ و سلبيات كثيرة، قد يفرط فيه صاحبه فيقع في
الكذب الذي حرمه الله ! ذلك بأن يقوم المادح بذكر أوصاف ليست
موجودة في الممدوح، كما يفعل أكثر الشعراء الشعراء في مدحهم
وثنائهم على بعض الولاة طمعا في ودهم و فيما عندهم ، فيقومون بذكر
أوصاف ليست فيهم ...!
ومن سلبيات المدح ؛ أنه قد يدخل صاحبه في الرياء و التصنع
و للعاطفة حظ كبير في هذا إذ أنك تجد المادح لفرط حبه و عماه يقول
كلشيء يرضي صاحبه ليحافظ على صفاء المودة و لو كان صاحبه
منصفا لتفطن لسباحة صاحبه في سنا الأحلام و ظلمة الأوهام !!
وعين الرضا عن كل عيب كليلة=ولكن عين السخط تبدي المساويا
و هذا ما رأيناه كثيرا عند أصحاب المذاهب و الأحزاب ؛ إذ أنهم لتقوية
شوكتهم و تكثير سوادهم يلجأون إلى هذه الوسيلة ليظهرون أنهم على
خير و في تمام القوة بالتضخيم .. و لقد سجلنا حالات من هذا القبيل ..
إذ إن هذا الصنف تلقاه دوما يقدم تقارير مدبجة و خاطئة لساداتهم و
كبرائهم تطمئنهم فيها على سلامة السير و وحدة الصف !! و العجيب
أنهم يدخلون إلى صفوفهم من يجاريهم في الهوى و يشاكلهم في الطبع !!
ومن سلبياته أنه قد يقول ما لا يعلمه ولا سبيل له إلى الاطلاع عليه،
فيقوم بمدحه وذكر صفات قد لا تكون في الرجل الممدوح .
قال البخاري في صحيحه : <<حدثنا آدم حدثنا شعبة عن خالد عن عبد
الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه أن رجلا ذكر عند النبى - صلى الله عليه
وسلم - فأثنى عليه رجل خيرا ، فقال النبى - - «
ويحك قطعت عنق صاحبك
- يقوله مرارا - إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل أحسب
كذا وكذا . إن كان يرى أنه كذلك ، وحسيبه الله ، ولا يزكى على الله
أحدا » // باب ما يكره من التمادح ..
و يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلاً يثني على رجل،
فقال: أسافرت معه؟ قال: لا، قال: أخالطته في المبايعة والمعاملة؟ قال: لا،
قال: فأنت جاره صباحَه ومساءه؟ قال: لا، فقال: والذى لا إله إلا هو،
لا أراك تعرفه.
و من سلبيات المدح أنه قد يفرح الممدوح وهو ظالم أو فاسق، وذلك
غير جائز، يقول الحسن البصرى رحمه الله تعالى: "من دعا لظالم بطول
البقاء فقد أحب أن يعصى الله تعالى في أرضه".
فيحدث في نفس الممدوح الكبر والإعجاب، وهذا يقع فيه غالب الناس
فإنها تتعاظم نفسه عندما يمدح، وتتطور القضية عنده، فيرضى عن نفسه
ويعجَب بها، فيغتر عن العمل، ولهذا إذا انطلقت الألسنة بالثناء عليه ظن
أنه قد أدرك، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((
قطعت عنق صاحبك)).
فانظروا بعين بصيرتكم إلى قول السلف كيف أنهم كانوا يقولون
من ذم نفسه أمام الملإ فقد مدحها فما بالكم بمن يمدحها أمام الملإ ؟!
الرئيسية 
عدد مشاركــات
