أما من حيث المظهر فهو – كالعادة – لامرأة جميلة جذابة ممشوقة القوام، تفتن كل من يراها، شعرها طويل للغاية وترتدي ثياباً خضراء اللون أو رمادية، وهناك من يقوم أن هذه الثياب أحياناً تبدو حمراء أو بيضاء، كما أن هناك بعض الأوصاف لها التي تقوم بأنها تظهر على شكل سيدة عجوز شمطاء، متشحة بالسواد أو الملابس الرمادية، كما يمكن للبانشي بصفة عامة أن تتحول إلى حيوان.
أما عن نشأة أسطورة البانشي فهناك من المسيحين السلتيين الذين يخبرون بأن البانشي ما هم إلا ملائكة هبطوا من السماء وتم طردهم من الفردوس، ومنهم البانشي، على الرغم من أن نشأة الأسطورة تعود إلى ما قبل المسيحية، إلى شعب السلام الذي كان يسكن التلال البرية The aos sí والذي كان يؤمن بتناسخ أرواح الأسلاف والأجداد.
قصة السيدة فانشاوي وبانشي أوبرين
تعتبر القصة التي روتها السيدة (فانشاوي) وزوجها السير (ريتشارد) عام 1692 في منطقة أوبرين O’Brien من أشهر القصص التي رُويت عن البانشي، ففي إحدى الليالي من هذا العام، كانت السيدة (فانشاوي) وزوجها ضيفين على أحد النبلاء، وفي قلعته – قلعة (أوبرين) – وأثناء الليل سمعت السيدة (فانشاوي) صراخ ونداب حاد لامرأة، فشعرت بالقلق، ولكن على الرغم من قلقها نهضت لتنظر ما الأمر، فوجدت سيدة حمراء شعثة الشعر تصرخ بشدة وبشكل محموم، ولم يكد بصر السيدة (فانشاوي) يقع عليها عن كثب حتى اختفت تلك السيدة.
تملكها الرعب، وحينما أتى الصباح أخبرت مضيفها بما رأت في الليل، فأخبرها صاحب القلعة أن هذه هي البانشي، وأنها تظهر منذرة بموت أحدهم، وأنه بالفعل مات أحد أفراد العائلة بالليل بعد ظهور البانشي بقليل.
وأخبرها المضيف أيضاً أن أحد أجداده تزوج من إحدى الفلاحات من الطبقة الفقيرة، وهذا يعتبر جرماً فظيعاً على الأرستقراطية الإنجليزية، فقد جلب العار بزيجته هذه، وبناءاً عليه وحتى يصلح ما أفسده، قام بقتل زوجته بإغراقها في الخندق المحيط بالقلعة، ويُقال أن البانشي الذي يظهر ما هو إلا شبحها.
وتتشابه هذه القصة مع أسطورة (طبال كورتاشي) الاسكتلندي، حيث تم إغراق هذا الطبال بواسطة عشيرة (أوجيلفي) الاسكتلندية، وعليه فقد أصبح هذا الطبال يظهر في كل مرة يحدث فيها حالة وفاة في العائلة، فيظهر قبلها للعيان، ويقرع على طبله، فيعلم القوم بأن هناك حالة وفاة سوف تحدث هاهنا. فائدة هذا التفسير هو جعل أصل واضح لأسطورة البانشي في أذهان الاسكتلنديين.
بانشي السيدة لوين
السيدة (لوين) سيدة بريطانية شاء لها القدر أن تكون في رحلة عمل في دبلن الأيرلندية عام 1776 وكان معها ابنتها (جين) وبعض رفاقها، وفي المساء، صحبت السيدة (لوين) ابنتها ورفاقها في زيارة لأحد الأصدقاء، وفي طريق عودتهم شاهدوا سيدة عجوز شمطاء، متشحة بالسواد وشعرها طويل شعث شديد البياض، وكانت تجري ذهاباً وإياباً على الجدار العلوي للكنيسة، وهي تصفق، ولم تكد تراهم حتى اختفت.
أصابهم جميعاً ذُعر شديد لرؤيتها، وشعرت السيدة (لوين) بضيق شديد وكآبة، وخاصة حينما عادت إلى المنزل، ورأت غراب بصطدم بالنافذة أكثر من مرة، وحينما نبهت المجموعة إلى الغراب، انصرف الغراب واختفى في الأفق .. العجيب والمؤسف في الأمر هو وفاة السيدة (لوين) في حادث عجيب بعدها بعدة أيام.
استمرت الرؤى كثيراً بعدها بمئات السنين حتى عام 1990 لعائلة (ويستروب)، فقد ظهر البانشي لهم على شكل بومة ظلت تندب بشكل متصل لفترة طويلة، وسمعها جميع أفراد الأسرة والخدم، قبل أن يخطف الموت حياة (جون ويستروب).
بانشي ديفيد وارنر
من أشد القصص إثارة وجلباً للتعجب والرعب، قصة الفلاح الخائن (ديفيد وارنر) الموالي للقوات الأمريكية والمعادي للقوات البريطانية.
في ولاية نورث كارولينا الأمريكية وعلى ضفاف نهر تار بالقرب من تاربورو، كان يعيش (ديفيد وارنر) اليميني الذي يكره البريطانيين، ويقدم الحبوب والذرة والقمح للأمريكيين، ويعينهم بصورة غير مباشرة على القوات البريطانية. كان يعيش يطحن الحبوب في طاحونته التي حملت اسم (طاحونة نهر تار) ويقدمها للقوات الأمريكية.
وذات يوم حذره بعض الأهالي بأن يلوذ بالفرار لأن هناك مجموعة من الجنود البريطانيين يقتربون، ولم يكترث (وارنر) ولم يهرب، بل حتى لم يكترث بالجنود البريطانيين حينما قدموا ورأوه، وهذا ما أثار حفيظتهم، فقاموا بالاعتداء عليه بالضرب، وأخبروه بأنهم سيلقون به في النهر مقيداً، فرد عليهم بجرأة أنه لا يخشى الموت، وأنهم لو فعلوا ذلك فستنال منهم البانشي بقية حياتهم.
لم يكترث الجنود لقوله، وقاموا بربط جسده بالعديد من الحجارة الثقيلة حتى تبقيه في القاع حتى الموت، وبالفعل ألقوه مقيداً في نهر تار، وبينما كان وارنر ينازع الغرق، إذ هُيء لهم أنهم يسمعون صراخ ونواح امرأة تصرخ على ضفاف النهر .. كان أصحاب هذه الفعلة خمسة جنود بريطانيين.
في نفس الليلة وبينما كان قائد القوات البريطانية يأمر جنوده بإعداد أسرة النوم، وما إن بدأوا النوم، حتى سمعوا صراخاً شديداً أشبه بالنواح، فخرجوا ينظرون الأمر، فوجدوا ضباباً كثيفاً يجسد امرأة ترتدي حجاباً وتصرخ بهذه الصرخات، ولم يكد يراها الجنود حتى اختفت، ولكن لم تختف صرخاتها، فاستمرت في الصراخ، ولكن كان صوتها كما لو كان يأتي من أسفل ماء النهر.
شعر الجنود الخمسة الذين قاموا بهذه الجريمة بالرعب، فقاموا بالاعتراف بجريمتهم لقائد القوات البريطانية، فحكم عليهم بالعمل مدى الحياة في هذه الطاحونة، وتغذية الجنود البريطانيين بالحبوب والمواد الغذائية منها.
ولم تنتهي معاناتهم عند هذا الحد، فقد استمرت المشاهدات المتعددة للبانشي فوق سطح ماء النهر، حتى أنها في إحدى الأيام رآها الناس تقتاد اثنين من أولئك الجنود في اتجاه النهر، واختفوا بعدها ولم يتم العثور عليهم أبداً بعدها. ولحق الجنون بأحد الجنود فترة طويلة من الزمن قبل أن يعثر الأهالي عليه غارقاً في مياه نهر تار.
واستمرت البانشي في الظهور للجنديين الباقيين حتى قضت عليهما، ورآها الناس تخرج كثيراً من نهر تار بعد هذه الأحداث.
حقيقة البانشي
حتى الآن لا يوجد تفسير واضح حقيقي للبانشي لدى العلم، وتعتبر أسطورة البانشي من الأساطير المعقدة التي يستعصى تفسيرها في الأوساط العلمية أكثر من غيرها من الأساطير التي تم تفسيرها من قبل لظهور المرأة المجهولة في المكان المهجور، على سبيل الإغواء والفتك، ولكن ظهور البانشي كان كنذير شؤم للسكان حولها أو لمن تظهر لهم.
الرئيسية 
عدد مشاركــات
